إشكالية مياه الأمطار والصرف الصحي ببرشيد: فساد إداري أم فشل في التدبير؟

لا تزال الكوارث البيئية في مدينة برشيد تكشف عن إخفاقات متكررة في تدبير الشأن المحلي، في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لمواجهة المشكلات البنيوية. فبعد كارثة حي الحسنى، التي كشفت عن عيوب جسيمة في مشروع إعادة تأهيل قنوات الصرف الصحي، نجد أنفسنا اليوم أمام مأساة جديدة في عرصة الشاوية، حيث ارتفع منسوب المياه ليغمر أقبية المنازل حتى 3 أمتار، دون أي تدخل جاد من الجهات المسؤولة، إلى حدود كتابة هاته الأسطر.

أين هي معايير السلامة في منح التراخيص؟

الأمر لا يقتصر فقط على فشل مشاريع الصرف الصحي، بل يتجاوز ذلك إلى إشكالية قانونية وتقنية خطيرة، تتعلق بمنح تراخيص بناء أقبية المنازل في عرصة الشاوية، رغم أن ذلك لا يعد قانونيًا من الناحية التقنية. واليوم، نجد أنفسنا أمام دليل حي على فشل هذه التراخيص، حيث تعيش الساكنة كارثة محققة بسبب عدم مراعاة المخاطر المحتملة.

فإذا كانت التراخيص تمنح دون دراسة معمقة للإشكاليات المطروحة، فمن المسؤول عن هذه القرارات العشوائية؟ وما هي المعايير التي يتم اعتمادها؟ وهل هناك محاسبة للمسؤولين عن منح رخص البناء في مناطق معرضة لمثل هذه الكوارث؟

ما يحدث اليوم ليس مجرد كارثة طبيعية، بل هو نتيجة إهمال ممنهج وفساد مستتر في تدبير المشاريع الكبرى، مما يؤدي إلى:

-تهديد مباشر لأرواح السكان بسبب انهيارات مفاجئة أو صعق كهربائي جراء ارتفاع منسوب المياه.

-خسائر مادية فادحة، حيث تجد الأسر نفسها بلا تعويضات أو دعم رسمي لإصلاح الأضرار التي لحقت بممتلكاتها.

-انعدام الثقة في المؤسسات، مما يؤدي إلى احتقان اجتماعي وسخط متزايد بسبب تكرار نفس الكوارث دون حلول جذرية.

في ظل هذا الوضع الكارثي، لا بد من:

-فتح تحقيق شفاف حول صفقات تأهيل قنوات الصرف الصحي التي ثبت فشلها، ومحاسبة كل المتورطين في إهدار المال العام.

-إعادة تقييم المعايير المعتمدة في منح تراخيص البناء، خصوصًا فيما يتعلق بالأقبية في المناطق ذات التربة غير المستقرة أو المعرضة لارتفاع منسوب المياه.

-تدخل فوري للسلطات المحلية لإنقاذ السكان وتقديم الدعم الضروري لهم.

-تفعيل الرقابة الصارمة على مشاريع البنية التحتية لضمان نجاعتها بدل الاكتفاء بخرجات إعلامية محتشمة لا تقدم أي حلول فعلية.

ما يحدث اليوم ليس قدَرًا محتوما، بل هو نتيجة غياب التخطيط وسوء التسيير واللامبالاة بمصير المواطنين. لم يعد مقبولًا أن تظل هذه الكوارث مجرد أحداث متكررة تنتهي بتبريرات ووعود فارغة، بل لا بد من إجراءات ملموسة ومسؤولية واضحة لتجنب تكرار نفس السيناريو الكارثي في المستقبل.

عن الكتابة الإقليمية للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان ببرشيد.

اترك تعليق

لن يتم نشر أو تقاسم بريدك الإلكتروني.